بقلم . ندى اكرامى

 

ما أجمل تلك المشاعر البشرية والأحاسيس الإنسانية المرهفة الصادقة المفعمة بالحب والنقاء التي تمتلئ بها الروح، ويظطرب بها القلب، ويهتز بها الوجدان. ما أجملها من أخوة، وما أروعها من نفحات إيمانية عذبة، يستشعرها الأخو تجاه أخيه، فتسري في عروقه سريان الماء الزلال بعد فورة عطش شديد، فيثلج صدره، ويروي ظمؤه، ليعود للقلب نقاءه، وللنفس صفاؤها، فتطمئن الروح وتعود لتنشر أريج الود والحب من جديد. كم من أخ عرفناه، وصديق ألفناه، طوى الزمان صفحته، ومضى به قطار الحياة، فودعنا ورحل، ولم يبقي لنا إلّا الذكريات، ولأن عز في الدنيا اللقاء، فبالأخرة لنا رجاء. كم من أمنيات عشناها، فصارت ذكريات، ذكريات تثير شجون المحبين، فللقلب معها خفقات، وللدمع فيها دفقات. وفي الصدر منها لهيب وزفرات. لا يستطيع اللسان التعبير عن كل ما في النفس تجاههم، ولكن تأبى النفس إلّا أنّ تبين بعض ما يتلجلج في الصدر، ويشتعل في الأعماق ومع عودة الذكريات يعود الأمل. إلى من عاش معنا زمناً ثم فقدناه، عد إلى مجالس الصالحين ومصاحبة الطيبين. بعد الوصال لا بد من ارتحال، تغرب الشمس وكأن أشعة غروبها سيوف تعمل في الغروب، فيخفق القلب صراعاً ويناديه الركب الراحل وداعاً، ويهتف اللسان والقلب بمحبه. ما أجمل تلك اللحظات التي تستشعرها بكل كيانك، فيذوب لها قلبك، وتحس دفء الروح يسري في عروقك، وبقشعريرةٍ يرتجف لها عظمك، وبسعادةٍ لا يمتلكها إنسان، ولا يصفها أي مخلوق كان، وبآمال وأحلام تتزاحم في الفكر والوجدان، عن هذا الأخ الذي صورته لا تفارقك، وابتسامته تلازمك وطيفه يناجيك ويسامرك، تندفع إليه وشوقك يسابق. والحياء قد غطى معالمك. أخي: إني أحبك في الله، تتمنى بعدها أنك طير يطير في السماء أو أن الأرض تنشق وتبتلعك حياءً، وسعادةً، وخوفاً وشوقاً.مشاعر كثيرة، ازدحمت وتلاطمت، في بحر أعماقك، فيساعدك أخوك مترنماً: أحبك الذي أحببتني فيه، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً. قالها مثل نسمات عطر جميلة، ليسري في عروقك، ويتغلغل شذاه في الأعماق، بابتسامةٍ تنعكس إشراقتها ليكلل نورها محياك، ويبارك الله مسعاك، ثم يأخذ بيدك قائلاً: أخي طريقنا شوك وأزهار، وقصف وأنغام، وإعصار وريحان. أخي، نحن الآن طريقنا واحد وذكرنا واحد. أخي، نحن الآن روح في جسدين، روح في جسدين. اللهم إنك تعلم أن هذه القلوب قد اجتمعت على محبتك، والتقت على طاعتك وتوحدت على دعوتك، وتعاهدت على نصرت شريعتك. فوثق اللهم رابطتها وآدام ودها، وأهداها سبلها وأملئها بنورك الذي لا يخبو. واشرح صدورها بفيض الإيمان بك وجميل التوكل عليك، وأحيها بمعرفتك، وأمتها على الشهادة في سبيلك، إنك نعم المولى ونعم النصير. اللهم آمين. الدعاء أعذب نهر جرى ماؤه بين المتحابين في الله ولأنني في الله أحبك أهديك من عذوبته، اللهم أعط صديقي دعوة لا ترد، ورزق لا يعد، وباب للجنة لا يسد.

 

 

‫شاهد أيضًا‬

المؤلف سمير النيل يبحث عن سينما قريبة من الشعب في فيلم بنقدر ظروفك

كتبت: مروة حسن   بعد إنتهاء أول أسبوع تصوير لفيلم بنقدر ظروفك، إخراج أيمن مكرم وبطولة…