ربما تأخذك الذكريات إلى عالم آخر حين تسير وحدك ببعض الطرقات أو تقابل أحداً بعد فترة من الزمان.
حين ترتشف قهوتك المفضلة بأحد المقاهي، حين تسير عمداً إلى أماكن تذكرك برائحة الطفولة والشباب.
روحك الصغيرة مازالت تنبض بالحياة رغم قساوة الأيام وتعدد المسئوليات.
تتذكر كم كنت سعيداً حينها كم كانت تلك الحياة جميلة بدون منغصات.
تتذكر تلك الجميلة إبنة الجيران التي تنتظر اطلالتها من النافذة مبتسمة كل صباح.
تتذكر تلك الأيام التي جمعتك مع أصدقائك حتى السحر.
تتذكر تلك الأغاني العاطفية والسير بجوار النيل.
تنقلك وسفرك من مكان إلى مكان وأنت حر كالفراشات.
فريق النادي الذي كنت تشجعه بكل مباراة.
مدرسك المحبوب ورياضاتك المفضلة.
عملك بالاجازات ودراستك بالصيف.
نجمك المحبوب وملابسك المفضلة.
أصدقاء الطفولة ومواقفهم اللطيفة والمضحكة بعض الأحيان.
مخاوفك وهمومك بالصغر.
ثم تقارن هذا كله بواقع يشوبه الضجيج يعتليه صراخك ببعض الأحيان.
ثم تتساءل أما كانت تلك أحلامي؟؟؟
أن أكبر سريعاً مثل فلان.
أن أصبح بطلاً خارقًا يحقق كل الأحلام.
إذًا ماذا صنعت بنفسي من منعني من تحقيق أحلامي؟
ثم تجيب :لم يمنعني أحد.
كنت طموحًا لدرجة أنني لم أرى الواقع من الأساس.
كنت أتخيل العالم ككوكب صغير أعيش فيه وحدي أسيطر عليه بتفاصيله الكثيرة.
أحرك كل شئ فيه حسبما أريد دون أن أكترث لأحد.
ولكن لحظة….
لم أكن هناك وحدي كان هناك من يدعمني.
يقويني يأخذ بيدي حين أتعثر يشعرني دوماً بالأمان.
إذًا لم تكن المشكلة بطفولتي أو مراهقتي أو حتى شبابي.
بل كانت مشكلتي ولازالت رؤيتي المحدودة للعالم من حولي.
فقد استمتعت كثيراً بكل مراحلي لكني كنت أتوق في كل مرحلة إلى المرحلة التي تليها.
أريد أن أعبر بآلة الزمان إلى نفسي بعد الِهرم وفي نفس الوقت أعود مرة أخرى حين أريد إلى طفولتي.
أيحدث هذا حقاً؟؟؟
إن حدث سأكون بقمة سعادتي.
ولكن كيف سأعيد تلك الأحداث وأين سأجد هؤلاء الأشخاص
الذين شاركوني إياها؟
ماذا عن مراهقتي أو شبابي؟؟
الأمر أسهل بكثير ولكن هل سأجد هذا الحنين متبادل بيني وبينهم.
لعله يكون ربما تحمل الأيام ماهو أجمل.
حين أمشي في هذا الطريق وأتناول بعض الرشفات من القهوة على هذا المقهى.
ربما أستعيد حنيني أصدقائي سعادتي ذكرياتي في تلك الفترة.
بين عبير الماضي ونشوة الحاضر سأظل دوماً وتظلون يطاردنا “الحنين”
بقلم /فاطمة بكر
