لم يكن يتحدث إلى أي أحد من زملائه ولم يكن يختلط بأحد منهم فقد كان في حالة من الصمت الدائم لم يكن يريد الاقتراب إلى أي شخص داخل مدرسته الثانوية فلقد كان هو المراهق الصامت مما جعل الجميع فى حيرة شديدة من أمره…

وكان لا ينتظر أي أحد ولا  أي شئ بعد انتهاء يومه الدراسي فكان يذهب مسرعاً إلى منزله بهدوء ولم يكن يريد أن يجذب الانتباه اليه فكان دائماً يجلس فى نهاية الفصل ولا يتحدث الا فى حالة توجيه سؤال اليه وكان دائماً صاحب الاجابات الصحيحة والمختصرة دائماً…

ولم يكن أحد من زملائه يحاول الاقتراب منه لخوفهم من ردة فعله ، ولكن هي لم تنظر اليه مثل الآخرين كانت دائماً تراه شخص يحتاج فقط إلى بعض المساعدة فهو دائماً الطالب المتفوق وصاحب الدرجات الممتازة فى جميع المواد فأرادت دائماً التقرب منه ولكن صديقاتها دائماً يمنعوها من ذلك ، ولكن لا بد أن تقترب منه فانها تراه بصورة مختلفة عن الآخرين .

وهو ما حدث فى ذلك اليوم عندما ذهبت اليه بعد تبادل الكثيرمن النظرات بينهما فلقد لاحظت أنه أراد دائماً التحدث اليها ولكن هناك ما يمنعه…

فسألته عن سبب غيابه عن المدرسة بالأمس فأجابها بابتسامة رقيقة لم يظهرها من قبل ..

قائلا :

أشكر اهتمامك كثيراً ولكنى كنت عند أمى بالأمس فكان لابد من ذهابى اليها لاقتراب الامتحانات وانا لا أستطيع دخولها بدون دعوات امى.

فاجابت بلهفة :

واين هى أمك ألا تعيش معك؟

متاسفة هذا ليست من شأنى (مع شعور شديد بالخجل )

لا لا تعتذري.. أمى لا تعيش معي ولا في أي  مكان آخر،

أمى وافتها المنية منذ ثلاثة أعوام بسبب سرطان الثدى ، ولم يكن أحد يستطيع مساعدتها لمواجهة ذلك المدمر..

متأسفة لأنى ذكرتك بهذه القصة المؤلمة ..

لا أبداً فأنا لا أنسى أي لحظة من هذا العام كاملاً ، ولكنى يوماً سأواجه ذلك القاتل واهزمه .

وكيف ستواجه هذا المرض الذى عجز أمامه الكثير؟!

عاهدت أمى بأنى لم أترك شخص آخر يخسر حضن أمه بسبب ذلك اللعين وانى سأتخصص في علاجه فقط لا غير .

لهذا السبب أنت لا تتحدث مع أحد وفقط تهتم بدراستك ولا تنتظر أحداً بعد اليوم الدراسى …

لهذا السبب فقط أنا أعيش ، ولا اريد أي شئ في هذا الكون يشغلنى …

اعذرينى لقد تأخرت كثيراً وعلي الذهاب….
سلاااام….
وعاد مرة أخرى إلى عالمه ليقاتل……

#مينا نصير

اترك رد

‫شاهد أيضًا‬

أيمن بكري يكتب أُسس التوافق و الخلاف الأسري

بقلم / أيمن بكري  تمعنت كثيراً في الحقب الزمنية المختلفة مقارناً بين سلوكيات العامة في الع…