ما شعورك عندما تكون منشغلا في شئ ما و فجأة، يغزو تركيزك صوت بعيد المسافة يحمل حروفاً من “ساكن في حي السيدة” أو تخرج ماشيا بجوار المحال، و يتعرض سمعك بمحض الصدفة على ” الأقصر بلدنا ” ؟

ليس ما يراودنا بعدها الحنين إلى الأغاني الشعبية القديمة فقط، بل يتخلل أحاسيسنا التمني العودة للعقود الماضية بكافة جوانبها الفنية، مستغيثين من العصور الجارية المتضمنة إسفاف الشعبيات الغازية عقولنا، و آخرها الغازية العالم أجمع على موقع “ساوند كلاود”.

“بنت الجيران” و صاحبها المطرب الشعبي ـ قبل قرار النقابةـ حسن شاكوش، حصلت فور صدورها منذ فترة على ثانِ المقاطع الصوتية الأكثر استماعاً على مستوى العالم بمعدل 45 مليون مرة استماع، بعدما أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر.

و لكن هذا قبل أن يتلقى وقتها الصدمة الأولى و الكبرى في مشواره الفني، بعد أن قرر نقيب المهن الموسيقية هاني شاكر إلغاء التعامل مع ما يسمون مطربي المهرجانات، بسبب جملة ” و أشرب خمور و حشيش ” التي قالها في إحدى حفلاته بإستاد القاهرة الدولي.

حينها برر “شاكوش” أن الأغنية تم تعديلها قبل عرضها في الحفل باستبدال الجملة المثيرة بأخرى، و لكن حصلت ” لخبطة ” فتم عرض الأغنية الأصلية ذات الجملة المثيرة، المتسببة في قلب موازين أفكاره و مشواره في الطرب الشعبي .

و كان رأي معظم الشعب المصري إن قرار “النقابة” كان لا بد أن يصدر منذ سنين، لما تحمله المهرجانات من إسفاف و تلوث سمعي، و كلمات تشكل شخصية الأطفال بشكل سلبي، أي إنها منافية للذوق العام ولا تمت لرقي الفن الشعبي بصلة.

أما عن آراء بعض النجوم في الوسط الفني، فيرى الممثل مصطفى أبو سريع ” إن أغاني المهرجانات بنحبها و بنرقص عليها، لكن لازم تكون خالية من الإسفاف عشان لو عندي ابن مثلا مسمعهوش حاجة تضره، أما عن أغنية بنت الجيران فهي لطيفة و حسن لطيف جدا .

و عبر المطرب مصطفى كامل في حوار تليفزيوني بإحدى القنوات الفضائية عن غضبه من أغاني المهرجانات بعدة عبارات أبرزها ” مهنة الغناء بقت في خطر بعد ظهور المهرجانات ” و “مش بس المهرجانات، كمان زي حط ايده يااه على ايدي يااه بيقولي هاتي . . كل ده يندرج تحت بند الاسفاف ” .

البعض يرى أهمية وجود هذا النوع من الأغاني بكافة مصطلحاته، و البعض الاخر يرى ضرورة خلع جذورها دون استثناء، و الاخر يتمنى وجودها في مجتمعنا مع الرقابة على الكلمات البذيئة حفاظا على الأجيال القادمة .

أما انا فأرى إن الطرب هو صاحب الصوت العذب الجميل، و إن كانوا مطربين فليغنوا الشعبي لكن بعيدا عن ما يسمى بالمهرجان تجنبا للموسيقى الصاخبة المؤثرة صحيا على الدماغ و السمع، و خصوصا عند الأطفال.

حتى عندما نسمع من المحال التي نسير بجوارها ” طاير يا هوا ” أو ” الناس الرايقة ” نشعر بالدفء و الحنين إلى الماضي فعلا و لكن دون الاستغاثة من الفن “الهابط” الذي نعاني منه الآن و كأنه فيرس سهل الانتقال و الإمراض.

#حمزة كمال الدبن 

اترك رد

‫شاهد أيضًا‬

أيمن بكري يكتب أُسس التوافق و الخلاف الأسري

بقلم / أيمن بكري  تمعنت كثيراً في الحقب الزمنية المختلفة مقارناً بين سلوكيات العامة في الع…